أخبار عاجلة
Search
Close this search box.

الشعوب الغربية أقل حساسية تجاه دفع الضرائب من العرب

الشعوب الغربية أقل حساسية تجاه دفع الضرائب من العرب
جدول المحتويات

تعد الضرائب وسيلة لتمويل نفقات الحكومات عبر فرض رسوم على المواطنين والشركات، وتهدف بشكل رئيسي إلى تجميع الأموال لتشغيل الأجهزة الحكومية، وعلى اختلاف نظمها وأشكالها، لا تحظى فكرة دفع الضرائب بشعبية كبيرة في المجتمعات العربية، على عكس البلدان الأمريكية والأوروبية، حيث يرتفع مستوى ثقة الشعب بالحكومة ودورها في توظيف الضرائب بالشكل الأمثل.

وتنظر الحكومات الغربية إلى الضرائب على أنها فن يحتاج للحكم على الظروف الزمانية والمكانية بشكل دائم، وليست مجرد أرقام ومبادئ مجردة، أو حتى تعسفية، وترى أن التخطيط الضريبي هو في الواقع شيء يجب أن يحدث على مدار السنة توفير المال والتعب على الفرد وجعل حياته أسهل عند إعداد الضرائب الخاصة به.

غرس الثقافة والمعرفة الضريبية

ويقول هارولد م. غروفيز، استاذ الاقتصاد وعضو مجلس الشيوخ خلال ولاية ويسكونسن، أنه بدون غرس الثقافة والمعرفة الضريبية، لا يمكن اعتماد سياسات ضريبية عادلة، فتكلفة الجهل الضريبي مرتفعة جداً وله نتائج عكسية، ويمكن تفادي ذلك عبر إدراج المزيد من المناقشات حول الضرائب في المدارس والكليات، لتدخل ضمن برامج محو الأمية المالية المتبعة في بعض البلدان.

وفي هذا المقال سيتم إلقاء الضوء على الهدف من فرض الضرائب وأهميتها للمجتمع والأفراد، وكيف تتجاوب الشعوب الأوروبية مع فكرة دفع الضرائب أو حتى زيادتها، في حين أن المواطنين العرب أكثر حساسية وأقل رغبة تجاه فرض الضرائب.

تداول مع وسيط موثوق
الحائز على جوائز

دفع الضرائب مساهمة من أجل المجتمع والمستقبل

تهدف الضرائب بشكل أساسي إلى تحسين مستوى معيشة الفرد، عبر توفير الرعاية الصحية والمساعدات الطبية والضمان الاجتماعي لجميع الأفراد، وتحسين البنية التحتية والتعليم بما يقلل من المشاكل الاجتماعية كالفقر والانتحار والجرائم وانعدام الأمن.

وبمعنى آخر، الضرائب هي الثمن الذي ندفعه للحضارة كما قال أوليفر ويندل هولمز، قاض مساعد سابق في المحكمة العليا للولايات المتحدة، وتستفيد الحكومات من الضرائب كأداة لتوليد الإيرادات، وتثبيط سلوك معادي للمجتمع أو ما يسمى بالهندسة الاجتماعية، كما تقلل من عدم المساواة عبر استخدام المال الضريبي لخدمة القطاعات الضعيفة في المجتمع من خلال برامج الرعاية الاجتماعية، وإعادة توزيع الموارد، وحماية الصناعات المحلية عبر استخدام التعريفات الجمركية على الواردات الثقيلة مثلًا.

ويساعد دفع الضرائب أيضاً في الحفاظ على بيئة عمل منظمة لحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، وعليه فإن إرجاء التمويل لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، سيجعل حلّها أكثر تكلفة في المستقبل، وعدم الإلمام بالأساسيات الضريبية ضار على المستوى الفردي، فقد يدفع الناس أكثر من اللازم إذا كانوا لا يعرفون عن الخصومات التي يمكن أن تقلل من العبء الضريبي، كما يعوق انعدام المعرفة الضريبية إصدار قوانين عقلانية يمكن أن تساعد على حفز الاقتصاد وتؤدي إلى ميزانيات حكيمة.

كيف يتأقلم الأوروبيون مع دفع الضرائب ولماذا العرب لا يلتزمون بها؟

مع إدراك الحكومة بأن الضرائب نظام يعزز المساواة والإنصاف ويسمح بالنمو الكافي ويكفل الحفاظ على سلامة إيراداته، سيرتفع مستوى ثقة الشعب بالحكومة، وسيكون المواطنون سعداء وفخورين بدفع الضرائب، فكلما اقتربت المجتمعات ممّا يسميه الأوروبيون بالديمقراطية الاجتماعية، كلما كان الناس أكثر ميلاً إلى إيجاد حياة مُرضية.

كيف يتأقلم الأوروبيون مع دفع الضرائب ولماذا العرب لا يلتزمون بها؟

كيف  تلعب الضرائب دوراً هاماً في حياة  السويديين

وتعد السويد مثال حي على ذلك، فرغم ضرائب الدخل المرتفعة إلا أن مستوى ثقة الشعب بالحكومة عالي جداً، وغالبية السويديين يرون أن مصلحة الضرائب السويدية تعلب دوراً هاماً في حياتهم، وأظهرت دراسة أقامتها شركة إحصاء متخصصة تعمل في  مجال الرأي والبحوث الاجتماعية، في 2016 أن مصلحة الضرائب خامس أفضل سمعة من بين 29 هيئة حكومية سويدية، وحققت مستوى عالٍ في خدمة العملاء والمساهمة الإيجابية في المجتمع، كما تتسم بسهولة وصول العملاء إليها عبر تنفيذ العديد من المهمات إلكترونياً، كما انها تمكنت من التعرف بدقة على ما يحتاجه الناس ويهتمون به.

وماذا عن مفهوم الضرائب في الدول النامية

أما في البلدان النامية، خصوصاً منطقة الشرق الأوسط، يبقى مفهوم الضرائب وفلسفتها غير واضح في أذهان عدد كبير من مواطني المنطقة، وتزيد حالة نفورهم من دفع الضرائب أو حتى زيادتها، والسبب يعود إلى تراجع مستوى ثقة الشعب بالحكومة في الدول العربية، فيرى المواطنون أن الضرائب لا تنعكس على احتياجاتهم الضرورية، ولا تعود بالنفع على المجتمع بسبب تفشي ظاهرة الفساد وهدر الموارد والمال العام، كما يرون أن حكوماتهم مقصرة في الدور التوعوي بأهمية دفع الضرائب لتطوير المجتمع، ولا تتبع سياسة ضريبية حكيمة.

ضرائب الحكومات العربيه

ومن جهة أخرى، تعتمد الحكومات العربية بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة -السلع والخدمات والرسوم الجمركية -بدلاً من الضرائب المباشرة الأكثر حساسية من الناحية السياسية، وتساهم هذه الضرائب بأقل من 20% في إيرادات تلك الحكومات.

وفي الآونة الأخيرة، ومع تراجع أسعار النفط وتغير المشهد الاقتصادي العالمي، بدأت الدول العربية بالبحث عن مصادر جديدة للدخل للحفاظ على نمو اقتصادها، فلجأت إلى فرض المزيد من الضرائب، مثل بدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة في السعودية والإمارات مطلع 2018.

ضريبة القيمة المضافة في السعودية تنعكس سلباً على المواطنين

فخرت دول الخليج منذ فترة طويلة بكونها الملاذ الضريبي الأدنى الذي تغذيه صادرات الطاقة، ولكن الركود في سوق النفط أجبرها على اتخاذ تدابير لمعالجة العجز الكبير في ميزانيتها، كان منها تخفيض الإنتاج لزيادة الأسعار عالميًا، وعليه بدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة في السعودية والإمارات بنسبة 5% على مجموعة واسعة من الأصناف، ومن المتوقع أن يصل إجمالي الإيرادات خلال السنة الأولى لتطبيق الضريبة إلى 35 مليار ريال.

وإلى جانب ضريبة القيمة المضافة الجديدة، فاجأت المملكة أيضاً سائقي السيارات بارتفاع غير متوقع في أسعار الغاز بنسبة 127%، كما اضطرت المملكة إلى تجميد أعمال البناء ورواتب موظفي الخدمة المدنية، وخفضت مؤخراً إعانات الكهرباء، كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يسعى إلى تقليص اعتماد المملكة على النفط، كما بدأ ولي العهد محمد بن سلمان حملة لمكافحة الفساد طالت عدداً من الأمراء ورجال الأعمال المتهمين بالكسب غير المشروع.

وسبق أن فرضت المملكة ضريبة انتقائية بنسبة 100%على منتجات التبغ ومشروبات الطاقة، و50% على المشروبات الغازية.

ضريبة القيمة المضافة في السعودية تنعكس سلباً على المواطنين

وأمام ارتفاع الأسعار والضرائب الجديدة شعر سكان المملكة بضغط اقتصادي كبير وعبروا عن استيائهم من القرارات الحكومية التي أثرت على حياة المواطن عبر هاشتاغ # الراتب_مايكفي_الحاجة، ونشروا صوراً لفاتورة قهوتهم في المقاهي، والتي أظهرت ارتفاع الأسعار بسبب تطبيق ضريبة القيمة المضافة في السعودية، وكان هناك اتهامات بأن بعض الشركات التجارية كانت تضاعف رسومها بشكل غير منطقي.

وردّت السلطات بأنها تراقب عن كثب الالتزام بالقوانين الجديدة، وأن وزارة التجارة والاستثمار ستكثف بالتعاون مع الهيئة العامة للزكاة والضرائب، جولات التفتيش في الأسواق والشركات التجارية لتعقب المخالفات أثناء تطبيق ضريبة القيمة المضافة في السعودية.

بالمحصلة، الضرائب المرتفعة تساعد على بناء دولة فعالة، إلا أن الأفراد لن يفوا بالتزاماتهم إذا كان المسئولون لا يقومون بدورهم بالشكل الأمثل.

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على نجمة لتقييمها!

متوسط ​​تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0

لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

كما وجدت هذه الوظيفة مفيدة ...

تابعنا على وسائل التواصل الإجتماعي!

واتساب
تلغرام
البريد الإلكتروني
سكايب
فيسبوك
تويتر
مقالات ذات صلة