بدأ العام الجديد بتوترات في الشرق الأوسط أدت إلى ارتفاع سعر برميل النفط إلى فوق ٦٥ دولار، لتكون الدول المصدرة للنفط هي الرابح الأكبر من هذه التطورات وأهمها السعودية، التي راهنت بطرحها لأسهم شركة أرامكو في الأسواق المالية على أن الطلب على النفط سيبقى قوياً للأعوام القادمة.
وكانت المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط في العالم لعدة سنوات في العقود الثلاث الأخيرة، على الرغم من تناوب روسيا والولايات المتحدة والسعودية على احتلال المركز الأول، ويُعتقد أن المخزون النفطي الذي لم يستخرج بعد في السعودية يبلغ ما يقرب ٢٦٠ مليار برميل، وتعتبر المملكة من أكبر اللاعبين والمؤثرين في سوق على مستوى العالم.
والمملكة العربية السعودية هي من مؤسسي منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، هي وإيران والعراق وفنزويلا والكويت في عام 1960 وكان الهدف من تأسيس المنظمة توحيد السياسات المتعلقة بالبترول لدى الدول الأعضاء لضمان أسعار عادلة ومستقرة للمنتجين وعرض مستقر واقتصادي من النفط للدول المستهلكة، وعائد عادل على رأس المال للمستثمرين في هذا المجال، وأتى تأسيس المنظمة كرد فعل على قرار الإخوة السبعة (وهو تحالف من سبع شركات نفط عالمية) بتخفيض أسعار النفط الخام الذي يبيعونه.
وهنا نستعرض الأوقات التي كان فيها للسعودية تأثير واضح على قرارات أوبك
- في اجتماع نوفمبر في عام 2007 أشارت اسعودية إلى ضرورة الاهتمام بحماية البيئة بينما أشارت ايران وفنزويلا إلى أن هبوط قيمة الدولار كان سبباً في ارتفاع أسعار النفط.
- في عام 2014 قادت المملكة السعودية اجتماع أوبك في النماس والمكون من 12 عضواً في المنظمة واتفقوا على تثبيت مستوى الإنتاج اليومي عند 30 مليون برميل في اليوم، على الرغم من زيادة العرض.
- في فبراير 2016 أبرمت السعودية وقطر وفنزويلا اتفاقاً مع روسيا (دولة خارج الأوبك) ينص على تثبيت الإنتاج إذا وافقت باقي الدول المنتجة على تثبيت الإنتاج كذلك.
- في نوفمبر 2016 وافقت السعودية على تخفيض كبير في إنتاجها وعلى أن تثبت ايران انتاجها عند المستويات السابقة للعقوبات، وتزامن ذلك مع وضع أوبك لحدود على الإنتاج لأول مرة منذ عام 2008.
- في يونيو 2018 قادت السعودية أعضاء الأوبك للاتفاق على رفع مستويات الانتاج بمقدار مليون برميل يومياً.
- قطر تخرج من الأوبك التي تراها محكومة من قبل السعودية في ديسمبر 2018.
- في فبراير 2019 أوبك تقول بأنها خفضت إنتاجها بشكل كبير في الشهر السابق.
- وكانت المملكة قد خفضت انتاجها بشكل ملحوظ خلال 2019 واستطاعت حتى أو تؤثر على دول خارج المنظمة مثل روسيا لكي تخفض انتاجها، فقد طلبت السعودية مؤخراً من المنظمة المزيد من التخفيضات في الانتاج بهدف أن تبقي الأسعار عند مستوى مرتفع، مما سيدعم بدوره سعر سهم شركة أرامكو المدرج مؤخراً في السوق السعودية “تداول”.
وعلى الرغم من التأثير الكبير للسعودية فإنها تواجه تحديات كبيرة حيث أنها تجد أن الاعضاء يخالفون اتفاقيات الإنتاج التي وصلوا إليها في المنظمة عندما يجدون أن رفع الإنتاج يناسب مصلحتهم. وقال مسؤول سعودي مؤخرا بأن السعودية قد تعبت من تخفيض إنتاجها بهدف تعويض الفائض في الإنتاج نتيجة عدم امتثال الدول الأخرى، وعلى الرغم من انخفاض الإنتاج مؤخرا فإن هذا كان نتيجة خروج العرض الإيراني والفنزويلي من السوق نتيجة الحظر من الولايات المتحدة.
ويظهر المخطط أدناه أن السعودية هي من الأعضاء التي تخفض انتاجها بما يزيد عن الاتفاقات داخل أوبك للتغطية على ضعف الامتثال الدول الأخرى التي لا تخفض انتاجها.
سوق النفط
وهناك عوامل عديدة تؤثر على سوق النفط عالمياً أهمها الضغوطات من منظمات حماية البيئة والضرائب على الانبعاثات الكربونية و المستويات المتوقعة للنمو الاقتصادي العالمي ككل، وتعتبر الولايات المتحدة والصين والهند من أكبر الدول المستهلكة للنفط عالمياً، حسب احصاءات عام 2018، وبالتالي فإن الحرب التجارية وتبعاتها والتوترات الجيوسياسية تؤثر بشكل لا بأس به على الطلب، وفي حال تم توقيع الاتفاق الأولي بين الصين والولايات المتحدة في 15 يناير عام 2020 فإن هذا قد يبشر باستقرار سعر برميل النفط، ويتوقع أن يأتي طلب ل 44% من 7,1 ملايين برميل من النفط يومياً من النمو في الطلب العالمي لغاية العام 2024، ولذلك فإن أسعار النفط تجد عوامل داعمة لها، وفي الصين فإن الطلب يتعرض لتغيرات هيكلية حيث أن مزيداً من الطلب أصبح يأتي من حاجات المستهلكين عوضاً عن الصناعات الثقيلة، ومع ارتفاع دخل المواطن الصيني فإن هذا الطلب سيبقى قوياً على الأرجح.
الملخص:
تعتبر السعودية من أكبر المتأثرين بما يحدث في سوق النفط وأسواق الطاقة بشكل عام، ولذلك فإنها تسعى للحفاظ على أسعار النفط عند مستوى مرتفع أو مقبول نوعاً ما، حتى ولو كلفها ذلك أن تخفض انتاجها بشكل كبير، وهي من الأعضاء المؤثرين في سوق النفط ضمن منظمة أوبك وخارجها على حد سواء، ولهذا فإن استراتيجيات السعودية يمكن أن تساعد على التنبؤ بما سيحدث في أسواق النفط، ويعتبر طرح أسهم أرامكو رهاناً على أن سوق النفط لا زالت بعيدة عن الزوال، وبالفعل فإن الطلب على النفط لا زال قوياً في المستقبل المنظور.
ما مدى فائدة هذا المنشور؟
انقر على نجمة لتقييمها!
متوسط تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0
لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.