جدول المحتويات
Toggleانخفضت معدلات البطالة في إقليم كردستان العراق لتصل إلى أقل من 10 بالمائة هذا العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2018. ونشرت دائرة الإحصاء في الإقليم البيانات الجديدة لتشير إلى تراجع كبير من أعدد العاطلين عن العمل.
وشكلت السنوات الأخيرة ضغطًا كبيرًا على إقليم كردستان العراق، ذو الغالبية الكردية، بسبب العمليات العسكرية التي هدفت لطرد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” من مناطق سيطرته الواسع، والتي عزلت الإقليم لسنوات.
خلال تلك الفترة، تعرض قطاع واسع من الموارد البشرية لقلة فرص العمل التي ترافقت مع تراجع النشاط الاقتصادي عمومًا، كما ساد في الإقليم تراجع في معدلات الاستهلاك التي تسببت في تباطؤ النمو عمومًا.
وقال رئيس هيئة الإحصاء في كردستان العراق، سيروان محي الدين، ان عودة الشركات الخاصة إلى إقليم كردستان ساهم في تخفيض معدلات البطالة، ما ساهم في تحسن ظروف العمل.
ويرجع سيروان محي الدين، عودة الشركات لغياب تهديدات داعش التي كانت تفرض حظر على حركة التجارة وانتقال السلع ما بين الإقليم وباقي المحافظات العراقية، حيث ساهم انتشار مقاتلي التنظيم وسيطرتهم على مساحات واسعة من البلاد في منع حرية الحركة للمدنيين والسلع التجارية.
لكن مشاكل الاقتصاد في الإقليم لا تنحصر في موضوع تنظيم الدولة فقط، بل يمتلك الاقتصاد مشاكل بنوية أخرى تهدد سلامته ووجوده، حيث تشير الإحصائيات لضآلة مشاركة النساء في النشاطات الاقتصادية من جهة، وانخفاض أعداد الشباب ليشكل من هم فوق 15 سنة أقل من 39 بالمائة من إجمالي القوى العاملة.
كيف كان تاريخ معدلات البطالة في إقليم كردستان؟
تشير البيانات المتعاقبة في سنوات 2016-2017 أن نسبة البطالة تراجعت لأقل من مستوى 10.2 بالمائة حتى نهاية عام 2017، مع الاخذ بعين الاعتبار ان نسبة البطالة سجلت 13 بالمائة في عام 2015. شكلت هذه النسبة ما يزيد عن 180 ألف عاطل عن العمل من أصل مليون عامل في الإقليم الكردي.
الدراسات و المسوحات المتعاقبة أنتجت بيانات جيدة، استند عليها رئيس هيئة الإحصاء في وصفه واقع سوق العمل اليوم “بالإيجابي” قبل أن يكشف دراسات قام بها البنك الدولي تصب في نفس السياق.
وكان البنك الدولي قد ساهم في إجراء استبيانات ودراسات عن البطالة في الإقليم، لتنتهي الدراسات إلى توقع استمرار تراجع نسب ومعدلات البطالة إلى أقل من 10 بالمائة في وقت قريب.
ويحاول سيروان محي الدين رئيس هيئة الإحصاء، أن يقارن واقع سوق العمل في عموم العراق، والذي يعاني من مشاكل ضخمة، مع معدلات البطالة في الإقليم. حيث يستنتج هو من ذلك أن الوضع في الإقليم الذي يتمتع بالإدارة الذاتية أفضل من محافظات السلطة المركزية.
ومر العراق عمومًا بفترة صعبة للغاية خلال الأعوام الماضية، ما دفع المسؤولين الحكوميين للاعتراف أن 20 بالمائة من الشباب في البلاد عاطلين عن العمل! لتأتي التصريحات من مؤسسات عالمية مستقلة وتقول إن النسبة الحقيقية تبلغ 40 بالمائة، وهو شيء كارثي للغاية.
الشركات الأجنبية سلاح ذو حدين
على الرغم من دخول مجموعة كبيرة من الشركات الأجنبية إلى إقليم كردستان، والنشاط الاقتصادي الكبير الذي رافق ذلك الدخول، إلا ان وجود الشركات الأجنبية ساهم بشكل سلبي في بناء اقتصاد هش.
سرعة دخول الشركات كانت تكافئ سرعة خروجها من البلاد التي اعتمدت عليها بشكل كبير، ما تسبب في أزمة سيولة وتوقف كبير لنشاطات اقتصادية في مختلف المجالات، فالشركات الأجنبية استشعرت خطر ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام فغادرت على الفور.
انسحاب الشركات ترافق مع ازدياد اعداد العاطلين عن العمل، فلا الاقتصاد استوعب الوافدين الجدد إلى سوق العمل، ولا العاملين حينها استفادوا من الاستقرار الوظيفي مع غياب الشركات الاجنبية.
يقول الخبراء والمتابعين للشأن الكردي أن البناء الرئيسي للاقتصاد في الإقليم بحاجة لتعديلات جوهرية، تستبعد الاعتماد على الأموال الوافدة والشركات الأجنبية، والتركيز على ما يملكه الاقتصاد والاقليم داخليًا.
كما ينادي البعض بضرورة الانتباه لأسعار النفط وعدم المبالغة في الاعتماد عليه كمصدر وحيد للدخل، ويذهب هؤلاء إلى الازمة الكبيرة التي تسببت بها تراجع أسعار النفط خلال السنوات الماضية حين لامست حاجز 40 دولار للبرميل الواحد.
داعش والفساد في كردستان العراق
خلال انتشار وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على مساحات واسعة من البلاد عام 2015، شلت حركة التجارة والمواصلات بصورة شبه كاملة، ساهم ذلك في تراجع عائدات التجارة ما بين الإقليم وتركيا إلى 40 بالمائة، ومع إيران إلى 50 بالمائة، أما الكارثة الكبرى فكانت بانقطاع الاتصال الجغرافي مع باقي محافظات العراق التي تشكل عائدات التجارة معها 60 بالمائة.
يضاف إلى هذه الظروف القاسية التي مرت على الاقليم، مشاكل داخلية تتمثل في انتشار الفساد، وسوء التخطيط في إدارة الإقليم.
فمثلًا في عام 2015 قرر المسؤولون في الإقليم السماح بدخول 9 آلاف عامل باختصاص عمال بناء لتغطية الحاجة لليد العاملة لمشاريع البناء، لكن تلك المشاريع توقفت بالكامل لاحقًا ما تسبب في بقاء تسعة آلاف عامل دون وظيفة.
كان توقف المشاريع بسبب غيابة السيولة المالية وانقطاع التمويل، ما دفع لظهور اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل. ثم ظهرت أزمة النازحين واللاجئين وانسحاب الشركات الأجنبية لتشكل تلك الظروف مجتمعة خلطة مثالية للفشل الاقتصادي.
يذكر ان التوترات السياسية في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، والصراع ما بين الأحزاب الكردية الانفصالية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية، وبين تركيا التي تعتبر تلك الأحزاب إرهابية قد تشكل ورقة ضغط جديدة على مستقبل الاقليم.
ما مدى فائدة هذا المنشور؟
انقر على نجمة لتقييمها!
متوسط تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0
لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.