جدول المحتويات
Toggleيبذل سوق المال السعودي “تداول” كل ما في وسعه استعداداً للاكتتاب العام لشركة أرامكو، عملاق النفط في العالم، حيث تعتزم السلطات السعودية إدراج خمسة بالمائة من أرامكو في سوق أسهم لم تُحدد بعد، وسط مساعي للوصول إلى تقييم بقيمة تريليوني دولار.
وأكدت رئيس مجلس إدارة البورصة السعودية سارة السحيمي، أن سوق المال السعودي يعمل على قدم وساق من أجل التخطيط لاكتتاب أرامكو، فيما اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة النفط العملاقة أمين ناصر، أن الاكتتاب الأولي عملية معقدة لكنها تسير على الطريق الصحيح، فنشرة الاكتتاب بانتظار موافقة الحكومة وبعض اللمسات الأخيرة من التفاصيل، مثل التقييم ومكان الإدراج المتوقع أن يتم في النصف الثاني من العام الجاري.
ولم تقرر السعودية حتى الآن المكان الدولي للإدراج المزدوج لشركة أرامكو السعودية الكبرى للنفط، حيث تتنافس كل من لندن ونيويورك وسنغافورة وهونغ كونغ على الاكتتاب العام، ومثل هذا التأخير في الإعلان عن نشرة الاكتتاب يزيد من احتمال الإدراج المحلي السعودي فقط.
وهنا، تثار تساؤلات عن سبب التوجه لإدراج أرامكو في سوق المال السعودي “تداول” فقط، ومدى قابلية هذا الخيار للتطبيق.
هل يمكن اعتماد قائمة محلية لاكتتاب أرامكو؟
هناك تكهنات بأن الاكتتاب العام المرتقب، الذي قد يكون الأكبر على الإطلاق عالمياً، سوف يتأخر حتى العام القادم، وأن المكوّن الدولي لهذا الاكتتاب مثل بورصة نيويورك ولندن، سيكون بمثابة قائمة ثانوية، مع عرض أولي بأن تصبح البورصة السعودية خياراً أكثر واقعية.
وكشفت تصريحات وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في الآونة الأخيرة عن تغير ملحوظ في الحديث عن اكتتاب أرامكو، خصوصاً أنه أثار سؤالاً حول قضايا التقاضي الناشئة عن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب والدعاوى القائمة ضد شركات النفط الكبرى لدورها في تغير المناخ، فضلاً عن تأكيده في وقت السابق أن البورصة السعودية ستكون موقع الإدراج الرئيسي.
ومثل هذا الاحتمال سيجعل العديد من المصرفيين والاستشاريين الماليين يخشون من خسارة المكافآت والرسوم الاستشارية في حالة استمرار الإدراج الأولي المحلي، وأوضح بعض الخبراء الاقتصاديين مراراً وتكراراً أنه لا يمكن الاكتفاء باكتتاب أرامكو في البورصة السعودية فقط، إذ تعد أصغر قمية سوقية من بورصات مثل نيويورك ولندن وهونج كونج.
ولفتوا أيضاً إلى التقلبات التي ستنتج عن الإدراج المحلي فقط إذ سيقوم المستثمرون الأفراد في الغالب ببيع أسهمهم الحالية والشراء في عرض الاكتتاب الأولي، ما يرجح انخفاض التدفقات الرأسمالية الداخلية، وأشار الخبراء أيضاً إلى أن “تداول” لا تزال تفتقر للبنية التحتية القانونية والتنظيمية والتشغيلية اللازمة للتعامل مع قوائم الاكتتاب، فضلاً عن أن الاكتتاب العام في بورصة دولية بارزة سيعزز من مكانه المملكة، ويقوي أداء أرامكو.
وأمام هذا الترقب والتكهنات، فإن أرامكو الذي يشكل اكتتابها دعامة الإصلاح الاقتصادي في محاربة البطالة، تسعى للتوصل إلى أفضل تقييم خصوصاً أن تقديرات احتياطاتها النفطية تفوق 260 مليار برميل.
ومن جهة أخرى، فالتغيرات التي شهدها سوق المال السعودي خلال العامين الماضيين، والتطورات المرتقبة بانضمامه إلى مؤشرات الأسواق الناشئة فوتسي ومورغان ستانلي، سيكون لها آثار مهمة بالنسبة لتقييم الشركة في الاكتتاب العام الأولي.
تطورات البورصة السعودية
تعمل البورصة السعودية جاهدة لإدخال إصلاحات في بنيتها التحتية القانونية والتنظيمية والتشغيلية، فبعد تحويل مركز إيداعها العام الماضي، ونقل دورة التداولات من اليوم نفسه إلى يومين، تعمل على إطلاق شركة سعودية للمقاصة منتصف 2019.
ويفتح سوق المال السعودي أبوابه أمام الأجانب المقيمين في المملكة ويقدم لهم التسهيلات اللازمة لتنفيذ مشاريعهم الاستثمارية، وبموجب اللوائح الجديدة التي أصدرها السوق مؤخراً تم منح الكثير من المزايا التي تتيح للأجانب الاستثمار دون وسيط محلي.
وفي ذات السياق، تعد ناسداك شريكاً تكنولوجياً في البورصة السعودية منذ 20 عاماً، وركزت خلال العامين الماضيين على تطوير البنية التحتية لجذب المستثمرين وكسب ثقتهم.
وتأتي هذه التغيرات في إطار سعي الحكومة السعودية لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة التي كانت مغلقة في فترة سابقة، وكجزء من رؤية المملكة 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والهادفة لتقليص الاعتماد على النفط.
مساعي اقتصادية بعيداً عن النفط
إن المملكة العربية السعودية، التي كان النفط يمثل 90% من إيراداتها العامة سابقاً، اتخذت خلال السنوات الأخيرة عدة خطوات وإجراءات لمواجهة أزمة انهيار أسعار النفط العالمية في 2014، فبدأت بالعمل على تطوير القطاع السياحي والتركيز على المجال التكنولوجي، ولجأت إلى خصخصة قطاعات أساسية كقطاع النفط، وعليه تم التخطيط لإدراج 5% من أسهم أرامكو في الاكتتاب العام.
ومن هذا المنطلق يرجح البعض ألا يحول الإدراج الأولي للسعوديين في أرامكو دون الإدراج الدولي لاحقاً، فالوقت سيكون متاحاً أمام الشركة للقيام بإصلاحات هيكلية تشجع المستثمرين الدوليين على الدخول في قوائم اكتتاب مستقبلي قائم على اكتتاب عام أولي جيد وناجح.
ختاماً، يتعين على الحكومة السعودية اتخاذ قراراً نهائياً حول موعد ومكان اكتتاب أرامكو، تستطيع من خلاله التوفيق بين الآثار المتعددة الأوجه لمثل هذه القائمة من الخيارات التي تنطوي على علاقات جيوسياسية تتحكم بسوق الخام، والذي يشهد حالياً مساعي لتعاون بين منظمة أوبك وروسيا بشأن إمدادات النفط خلال السنوات العشر إلى العشرين القادمة.
ما مدى فائدة هذا المنشور؟
انقر على نجمة لتقييمها!
متوسط تقييم 0 / 5. عدد الأصوات: 0
لا توجد أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.